لبنان أمام مُفترق خطِر.. استحقاقات مؤجلة وضمانات غائبة

كتبت صحيفة الديار تقول: يعيش لبنان هذه الايام مرحلة دقيقة من تاريخه، تتقاطع فيها الأزمات المالية والسياسية والأمنية، في ظل مشهد عنوانه الأبرز: غياب الضمانات الحقيقية، وتراكم الاستحقاقات المؤجلة. فمنذ سنوات، اعتاد اللبنانيون سماع وعود بالإصلاح والدعم الدولي، فيما الواقع يكشف أن هذه الوعود بقيت في معظمها حبرا على ورق، وأن الاستحقاقات الدستورية والاقتصادية ترحل من موعد إلى آخر، بلا أفق واضح للحل.
فداخليا، تتكدس الاستحقاقات المؤجلة بوتيرة مقلقة، ومنها قانون الانتخابات النيابية، حيث تمنع موازين القوى السياسية الحالية أي تسوية، في ظل عدم نضوج الظروف، فيما يراهن لبنان الرسمي على «ضمانات» سياسية ومالية من المجتمع الدولي، سواء عبر صندوق النقد الدولي أو من خلال المبادرات الفرنسية والعربية، المصطدمة بشرط أساسي لم يتحقق بعد: قيام دولة قادرة على تنفيذ وعودها والتزاماتها. فالدول المانحة، التي أبدت استعدادا نظريا للمساعدة، ترفض تقديم أي التزام نهائي في ظل غياب قوانين إصلاحية واضحة، وانقسام سياسي حاد، وعجز مزمن عن اتخاذ قرارات موجعة لكنها ضرورية، وآخرها اقرار مشروع «الفجوة المالية» الذي يتوقع ان يفجر موجة اعتراضات لا يمكن التكهن بنتائجها.
اما الأخطر فيتمثل في غياب الضمانات الذي لا يقتصر على الخارج فقط، بل يشمل الداخل اللبناني نفسه، حيث يفتقد اللبنانيون أي ضمانة قانونية أو اقتصادية لمستقبلهم، فالدولة عاجزة عن طمأنة شعبها، والسلطة السياسية غير قادرة ،أو غير راغبة، في تقديم التزامات واضحة وقابلة للتنفيذ، في سلسلة من غياب الثقة الشاملة.
في المقابل، تتعامل القوى السياسية مع الاستحقاقات بمنطق إدارة الوقت لا إدارة الأزمة. تأجيل الانتخابات، ترحيل القوانين، تجميد القرارات الكبرى، كلها أدوات تستخدم لتفادي الصدامات الداخلية، لكنها في الوقت نفسه تعمق الانهيار.
فالاستحقاق المؤجل يبقى قائما، بل يعود أكثر كلفة وتعقيدا، فيما تتآكل قدرة الدولة على المعالجة، وهي المعادلة التي استند اليها رئيس الحكومة في مطالعته الدفاعية حول «الفجوة المالية».
اما إقليميًا ودوليا، فلا يبدو أن لبنان أولوية. فالتوترات الكبرى في المنطقة، من غزة إلى البحر الأحمر، تجعل الملف اللبناني ثانويا في حسابات القوى الفاعلة، ما يفسر غياب أي ضغط فعلي لفرض حلول، والاكتفاء بإدارة الأزمة ومنع انفجارها الكامل، حيث يترك لبنان، في هذه المعادلة، في منطقة رمادية: لا انهيار شامل ولا نهوض فعلي، وهو ما يجمع المتفائلون على انه سيكون نتيجة قمة البيت الابيض، في ظل تقدم ملفات غزة وسوريا الى الواجهة.
هكذا يقف لبنان، عشية العام الجديد أمام مفترق خطِر. ضمانات غائبة نتيجة لعجز داخلي عن إنتاج تسوية وطنية حقيقية، واستحقاقات مؤجلة تشكل قنابل موقوتة تهدد ما تبقى من الدولة.
فمن دون قرار سياسي جامع، يعيد الاعتبار لمنطق الدولة والمؤسسات، سيبقى لبنان عالقًا بين وعود الخارج وعجز الداخل، في انتظار أزمة أكبر تفرض الحل بالقوة، لا بالسياسة.
تنويه من موقعنا
تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
yalebnan.org
بتاريخ: 2025-12-29 01:48:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقعنا والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.
ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.



